الأزمة الاقتصادية في مصر: الآثار ومبادرات التعافي
في السنوات الأخيرة، واجهت الاقتصاد المصري استقرارًا ملحوظًا، مما أثر على أهداف الحكومة التنموية وتوقعاتها. تراجع قيمة الجنيه المصري بشكل متكرر، إضافة إلى التحديات الناجمة عن الأحداث الدولية مثل جائحة كوفيد-19 والصراع بين روسيا وأوكرانيا، دفعت مصلحة الضرائب المصرية، التابعة لوزارة المالية، إلى تنفيذ مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات للتخفيف من الصعوبات الاقتصادية في مختلف الصناعات وتقديم مبادرات للتخفيف من الضغوط المالية الناشئة.
وتقود مصلحة الضرائب المصرية ووزارة المالية جهودًا للتنقل من خلال هذا الاضطراب الاقتصادي، خاصة مع استمرار تراجع الجنيه المصري، الذي شهد انخفاضًا كبيرًا مرة أخرى هذا العام بعد انخفاضه الأول في عام 2016. وسط هذه الظروف، تقوم مصلحة الضرائب المصرية في توفير إعفاءات وتخفيضات ضريبية لبعض الصناعات لتعزيز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، تنتظر بعض أن تشملها مصلحة الضرائب المصرية بالاعفاءات والتخفيضات الضريبية إذ أنها ما تزال تواجة أعباء ضريبية كبيرة.
نقطة هامة للتركيز عليها في المشهد الضريبي المصري ألا وهى تطبيق إتفاقيات منع الإزدواج الضريبى، هذه الاتفاقيات المعترف بها دوليًا تعزز الاستثمارات الأجنبية من خلال منع المستثمرين من دفع الضرائب في عدة دول عن نفس الوعاء الضريبى. ومع ذلك، أثارت إجراءات التعامل من قبل مصلحة الضرائب المصرية مع تلك الاتفاقيات جدلاً واسعاً، والذي سيتم الحديث عنه بمزيد من التفصيل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العملية التي تقوم بها مصلحة الضرائب المصرية في تقدير الضرائب وسبل الاعتراض على هذه التقديرات تشكل مصدر قلق متزايد. لتبسيط إجراءات الطعن الضريبي، أنشأت مصلحة الضرائب المصرية لجان الطعن الضريبى المستقلة والمكلفة بإدارة مثل هذه الاعتراضات بشكل صريح.
مواجهة الأزمة الاقتصادية
تأثر اقتصاد مصر بشكل كبير بتقلبات حادة في العملة، مما يعزز الأزمة الاقتصادية الحالية. حيث شهدت فترة ما بعد الثورة المصرية انخفاضًا، نتيجة تراجع السياحة والصادرات، مما دفع الحكومة لطلب مساعدات مالية من المؤسسات العالمية. ومن بين الأحداث الملحوظة اتفاق عام 2016 مع صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 12 مليار دولار، بشرط تبني مصر لسياسة سعر صرف متحرك. أدى هذا التحول إلى انخفاض حاد في قيمة الجنيه المصري، مما يشكل بداية مرحلة انخفاض العملة التي لا تزال تؤثر على الاقتصاد.
وبتراجع قيمة العملة مرة أخرى بنسبة تقارب 17% في مارس 2023، من المتوقع حدوث مزيد من التراجعات في المستقبل بسبب الأزمات العالمية المستمرة وتأثيرها على القطاعات الحيوية في مصر. تفكر مصلحة الضرائب المصرية في تحديد سعر صرف الدولار الأمريكي مخصص لأغراض الضرائب، ولكن مستقل عن سياسة تسعير البنك المركزي المصري،وذلك لتبسيط طرق محاسبة الضرائب للشركات التي تحقق أرباحًا بالدولار الأمريكي. تتضمن هذه الاقتراحات إتخاذ إجراءات محتملةً في قطاع السياحة، بهدف جمع الضرائب بالدولار الأمريكي للتعامل مع الوضع الاقتصادي الحالى.
ومن المتوقع أن تتناول السياسة الضريبية لخمس سنوات القادمة التي ستصدرها وزارة المالية هذه المشكلات، بهدف تحقيق استقرار لنظام الضرائب في مصر في ظل هذه التحديات. وما زال غير واضح كيف ستحدد السياسة دفع الضرائب بالدولار الأمريكي للشركات المحلية والأجنبية.
وجدير بالذكر أنه من منطلق التعديلات فى طريقة تغيير السياسات الضريبية المصرية لمواكبة التغييرات الاقتصادية الحالية، أصدرت وزارة المالية تعديلا للقانون رقم 91 بتقديم طريقة أخرى لمحاسبة الملفات الضريبية بناءً على إجمالي الإيرادات كحزمة إجراءات ضريبية من شأنها تسهيل وتسريع عملية المحاسبة الضريبية والتخلص من التراكم فى الملفات الضريبية ذات ارقام الاعمال المنخفضة مع مراعاة الفئات الضريبية المعطاة في القانون رقم 30 لعام 2023.
يتم الاستفادة من هذا النظام الضريبي الجديد لملفات الضرائب دات أرقام الاعمال أقل من 10 ملايين جنيه مصري فقط لجميع الفترات الضريبية التى لم يصدر بها قرار نهائى للضريبة قبل يونيو 2023.
ووفقًا للقانون رقم 30 يمكننا عرض الفئات الضريبية على النحو التالي:
الضريبة المستحقة سنويًا وفقًا لقانون 152 لعام 2022 | حجم الأعمال |
1000 جنيه | أقل من 250 ألف جنيه |
2500 جنيه | من 250 ألف جنيه إلى أقل من 500 ألف جنيه |
5000 جنيه | من 500 ألف جنيه إلى أقل من مليون جنيه |
0.5% من الإيرادات خلال الفترة | من مليون جنيه إلى أقل من مليونين جنيه |
0.75% من الإيرادات خلال الفترة | من مليونين جنيه إلى أقل من 3 ملايين جنيه |
1% من الإيرادات خلال الفترة | من 3 ملايين إلى 10 ملايين جنيه |
الاختلافات القطاعية
بالنسبة لقطاع الطاقة على سبيل المثال، تخطط مصلحة الضرائب المصرية لتقديم تخفيضات وإعفاءات ضريبية للحد من الصعوبات الاقتصادية في قطاعات معينة. على سبيل المثال، قد يتلقى قطاع الطاقة النووية إعفاءات ضريبية لدعم النمو وانتهاء المشاريع في الوقت المناسب. تمت الموافقة على تعديلات تشريعية أولية، تقدم إعفاءات ضريبية لجميع الأطراف المعنية ضمن المشاريع النووية.
أما بالنسبة لقطاع السياحة، فتشمل جهود تنشيط قطاع السياحة اقتراح إنشاء مناطق حرة سياحية، تقدم حوافز ضريبية لجذب الاستثمار. على الرغم من الموافقة على منطقة حرة سياحية في النوبه، فإن التقدم والتفاصيل التشغيلية لا تزال غير مؤكدة.
مع ذلك، لم يحظ قطاع السيارات بنفس الاهتمام. على الرغم من بعض الإعفاءات الضريبية للسيارات المستوردة، تواجه التصنيع المحلي ضغوطا ضريبية وجماركية، مما يفاقم تأثير تراجع قيمة العملة. تهدف تشكيل المجلس الأعلى لتصنيع السيارات إلى التعامل مع هذه التحديات من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وضبط السياسات الضريبية.
تنفيذ اتفاقيات الضرائب المزدوجة
يتزايد الاعتماد على اتفاقيات الضرائب المزدوجة في مصر، مما يوفر فرصًا للمستثمرين الأجانب للاستفادة من فوائد ضريبية استنادًا إلى إقامتهم والاتفاقيات القائمة مع مصر. ومع ذلك، يشكل الإجراء المعقد والطويل لتطبيق اتفاقيات منع الازدواج الضريبى تحديات للمستثمرين، مما يشير إلى الحاجة إلى عملية أكثر تنظيمًا وربما رقمية لتعزيز الاستثمار الأجنبي.
تقديرات الضرائب في مصر
كانت الإجراءات المتبعة لإصدار والاعتراض على تقديرات الضرائب مشكلة كبيرة تواجة الاستثمارات الاجنبية والمحلية فى مصر، مما أدى إلى إنشاء لجان خاصة لتسريع عملية الاعتراض والطعن الضريبى. منذ تأسيسها في عام 2018، تناولت اللجنة العديد من الطعون المقدمة من المستثمرين، مما يعكس جهود مصلحة الضرائب المصرية في تحديث وحل النزاعات الضريبية بكفاءة.
الخاتمة
على الرغم من تطور نظام الضرائب في مصر، مع التقدم في الرقمنة والعديد من الحوافز الضريبية، إلا أن هناك مجالات حرجة تتطلب تحسينًا واجباً. حيث تتطلب مواجهة الأزمة الاقتصادية توفير حوافز ضريبية مصممة خصيصًا لقطاعات مثل صناعة السيارات ونهج منهاج مراجعة معدلات الضريبة في اتفاقيات الضرائب المزدوجة، وكذلك مبادرة مصلحة الضرائب المصرية لتبسيط عملية الطعن الضريبي من خلال لجان الطعن الضريبى ولجان حل المنازعات خطوة إيجابية نحو تعزيز كفاءة نظام الضرائب في مصر للمستثمرين.
من الجدير بالذكر أننا نقدر إصدار القانون رقم 30 لعام 2023، الذي قدم معالجة ضريبية بديلة لفحص الضرائب للمؤسسات والشركات التي يبلغ رقم أعمالها أقل من 10 ملايين جنيه مصري، بهدف تخفيف العبء الضريبي على الشركات والجهات الحكومية المعنية بفحص ملفات تلك الشركات ضريبيا على حد سواء.
ومع ذلك، ما زال نظام الضرائب المصري يحتاج إلى المزيد من التطوير لتحقيق نظام ضريبي يناسب مكانة مصر وقيمتها ويمكن إستخدامة كأحد العوامل المشجعة للاستثمار في مصر.
للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على info@eg.andersen.com